90 مليار جنيه عائدات الددولة من قطاع التطوير العقاري فى 2019\2020.. والمجتمعات العمرانية تحقق 41 مليار جنيها
نشر مرصد العمران دراسته الأولى في سلسلة تعمير تحت عنوان: “تقدير حجم القطاع العقاري العام في مصر”، والتى تهدف إلى تحديد حجم إيرادات القطاع العام من المؤسسات المملوكة له والتي تعمل في قطاع التطوير العقاري، وهذا من خلال البيانات المالية المنشورة لها، خاصة في ظل برنامج الطروحات الجديد المبني على سياسة ملكية الدولة.
من خلال تقصي قطاع العقارات، حددنا ثلاث طرائق رئيسية تستثمر بها الدولة في قطاع العقارات. الأولى، من خلال المؤسسات المملوكة للدولة والتي لديها غرض واضح من التطوير العقاري، سواء تلك التي تمتلكها الدولة بالكامل، أو التي تمتلك أغلبية أسهمها، أي تسيطر عليها. الطريقة الثانية، من خلال المَحافظ الاستثمارية للبنوك وشركات التأمين المملوكة للدولة، حيث يمتلك الكثير منها حصصًا صغيرة أو أقلية كبيرة في عدد من شركات التطوير العقاري. أما الثالثة، فكانت من خلال إستراتيجية إدارة الأصول المطبقة في العديد من الأجهزة الحكومية غير المرتبطة بالعقارات والتي تمتلك أصولًا من الأراضي أو العقارات، وقد أسست شركات تطوير عقاري خاصة بها لإعادة تطوير أو تسويق هذه الأصول. على رأس هذه الكيانات، صندوق مصر السيادي الذي تم تأسيسه حديثًا.
حسب البيانات المالية المنشورة لوزارة المالية والقوائم المالية للبنوك العامة للسنة المالية 2019/2020، قامت الدراسة بتحليل سبع عشرة شركة وهيئة مملوكة للدولة أو تسيطر عليها (بملكية أكثر من 50٪) وتقوم بشكل أساسي بالتطوير العقاري وبيع المساكن الهادفة للربح.

ضمت القائمة هيئة واحدة تعمل كـ”مطور للمدن”، وهي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان، والتي تخطط وتنظم وتدير قِطع الأراضي الشاسعة وتطورها إلى مدن، من خلال أربع وأربعين جهاز مدينة جديدة تابعًا لها. بالإضافة إلى هذا تعمل هيئة المجتمعات العمرانية كمطور عقاري حيث قامت أخيرًا ببناء وبيع عشرات الآلاف من وحدات الإسكان بهدف الربح، مثل: مشاريع دار مصر وجنة، كما تسيطر على عدد من شركات التطوير العقاري. على المستوى الثاني، ضمت الدراسة أربعة مطورين عموم، أي الشركات التي تقسِّم قِطع الأراضي الكبيرة إلى أحياء داخل المدن، حيث تؤسِّس شبكات المرافق وتشق الطرق بهدف بيع قطع الأراضي المقسمة للمطورين بغرض تطويرها، مع تطوير جزء منها بنفسها. اثنتان منها مدرجتان بالبورصة المصرية، والاثنتان الأخريان من المقرر خصخصتهما أو طرح نسب منهما خلال السنة.
على المستوى الثالث أتى المطورون العقاريون، وهم الشركات التي تعمل بشكل أساسي على تطوير العقارات لأغراض سكنية أو متعددة الاستخدامات ما بين العمارات إلى المجتمعات المغلقة، وتم تغطية تسع من هذه الشركات، وهو النشاط الأقرب إلى نشاط القطاع الخاص. كما يمكن اعتبار عمليات بناء مجمعات الإسكان الاجتماعي أو التعاوني فرعًا من فروع التطوير العقاري، ولكن مع تحديد أسعاره والفئات التي يمكن أن تتملك هذه الوحدات. هنا قامت الدراسة بضم صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان. وجدت الدراسة نشاطًا عقاريًّا فرعيًّا خامسًا وهو إدارة الأصول من الأراضي والعقارات. ومن المقرر طرح شركة من الشركتين المدرجتين في الدراسة.
الحجم المالي
حققت السبع عشرة شركة وهيئة عقارية المملوكة للدولة إيرادات من المبيعات، وعوائد الاستثمار وعوائد أخرى، تقدر بنحو 90 مليار جنيه سنة 2019/2020. الجدير بالذكر أن هذه إيرادات وليست أرباحًا، لأن الإيرادات هي التي يمكن مقارنتها بالناتج المحلي الإجمالي، والتي وصلت إلى 20٪ من حصة نشاط الملكية العقارية من النتاج المحلي في السنة المالية 2019/2020. عند مقارنة هذه الإيرادات مع القطاع الخاص البارز، وهو الـ27 شركة عقارية المدرجة في البورصة المصرية وكانت تحت سيطرة القطاع الخاص في عام 2019، فإن إجمالي إيرادات المؤسسات المملوكة للدولة كان ضعفها تقريبًا. إذا استبعدنا تطوير المدن والإسكان الاجتماعي لمواءمة مقارنة القطاع العام بالقطاع الخاص في أنشطة التطوير العقاري، فسيتجاوز إجمالي إيرادات المؤسسات المملوكة للدولة نصف إيرادات القطاع الخاص المدرج بنسبة بسيطة.
على مستوى الهيئات العامة، مثلت إيرادات الهيئات الاقتصادية والخدمية العقارية، هيئة المجتمعات العمرانية وصندوق الإسكان الاجتماعي، 10% من جملة إيرادات الهيئات سنة 2019/2020. ليأتي النشاط العقاري في المرتبة الثالثة بعد قطاعي البترول (58% من الإيرادات) وقناة السويس (16%)، والتي زادت الأخيرة بفارق الثلث فقت عن إيرادات العقارات.
فيما بين المؤسسات العقارية، مثل تطوير المدن، الذي تولته بالكامل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ما يقرب من نصف إيرادات القطاع العقاري بقيمة 41 مليار جنيه. جاءت في المرتبة الثانية إيرادات صندوق الإسكان الاجتماعي بقيمة 23 مليار جنيه تمثل 26٪ من إجمالي إيرادات المؤسسات المملوكة للدولة، تحقق معظمها من بيع عشرات الآلاف من الوحدات السكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل من خلال مشروعيه: الإسكان الاجتماعي وسكن لكل المصريين. حقق الإسكان الهادف للربح التابع لهيئة المجتمعات العمرانية (مثل: سكن مصر، دار مصر، جنة) 18٪ من الإيرادات العامة من العقارات. رغم أن هذا النشاط يمكن اعتباره تطويرًا عقاريًّا، فإن حصته كبيرة بشكل ملحوظ، وكان من الأفضل عزله عن إيرادات شركات التطوير العقاري والتي حققت 5٪ من إيرادات الأنشطة العقارية. إذا تم جمع إيرادات التطوير العقاري من قبل المجتمعات العمرانية والشركات المملوكة للدولة فسيشكل 23٪ من إجمالي إيرادات المؤسسات العقارية المملوكة للدولة. حقق المطورون العموم 3.9 مليار جنيه مصري، أي 4٪ من إجمالي إيرادات الشركات المملوكة للدولة. بينما حقق مديرو الأصول 1٪ فقط من إيرادات المؤسسات العقارية المملوكة للدولة.

يمثل القطاع العقاري قطاع رئيس تستثمر فيه الدولة، حيث يأتي في المرتبة الثالثة من حيث إيرادات الهيئات بعد القطاعات الضخمة المعروفة كقطاع البترول وقناة السويس. ولكن بخلاف هاذين القطاعين والتي تهيمن عليهما هيئة واحدة لكل قطاع، تتوزع المشاركة الحكومية في قطاع العقارات على كوكبة من الوزارات والبنوك المملوكة للدولة، وتغطي مجموعة واسعة من الأنشطة العقارية. يهيمن عليهما القطاع العام بشكل غير مفاجئ: تطوير المدن، وإسكان محدودي الدخل. ومع ذلك، فإن التطوير العقاري من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة نفسها، لا الشركات التابعة لها، كبير جدًّا بنسبة 3.6٪ من قيمة نشاط الملكية العقارية بالناتج المحلي الإجمالي وحوالي ثلث القطاع الخاص المدرج في البورصة. كما أنها أكبر بنحو الضعف عن إيرادات شركات المطورين العموم والمطورين العقاريين المملوكين للدولة. لذا فمن المتوقع أن يكون تأثير برنامج الطروحات محدودًا في إيرادات قطاع التطوير العام، والتي تقل عن 5% من مجمل الإيرادات، حيث ستظل إيرادات الشركات المملوكة للدولة قوية.