عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، مؤتمراً صحفيا بمقر الحكومة في مدينة العلمين الجديدة؛ وذلك لاستعراض تفاصيل حزم الحماية الاجتماعية التي وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لمجابهة الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وذلك بحضور الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، ونيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي.
وفي مستهل المؤتمر الصحفي، رحب رئيس مجلس الوزراء بالحضور من الإعلاميين والصحفيين، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر، الذي يأتي عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء اليوم في مدينة العلمين الجديدة، بهدف عرض تفاصيل الحزمة الاجتماعية الجديدة التي وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية الحكومة بإعدادها، لافتاً في ضوء ذلك إلى أن الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة تولي ملف الدعم والحماية الاجتماعية كل الاهتمام.
وفي هذا الإطار، استعرض الدكتور مصطفى مدبولي بعضاً من الأرقام المهمة لإعلام المواطن المصري بحجم تدخلات الدولة المصرية في هذا الشأن، حيث أوضح أن المخصصات المالية لكل برامج الدعم والحماية الاجتماعية خلال 2015 /2016 بلغت 290 مليار جنيه، فيما تتجاوز هذه المخصصات ضمن الموازنة العامة الجديدة 2022/2023 التي بدأت في شهر يوليو الحالي مبلغ 490 مليار جنيه، لافتا إلى أن أوجه الدعم تتضمن برامج دعم الخبز، والتموين، والمعاشات والتي تصل كلفتها علي الدولة المصرية خلال السنة الحالية 282 مليار جنيه ويستفيد منها اليوم 10.5 مليون مواطن وتدفع منها الموازنة العامة دعماً يبلغ 190.5 مليار جنيه والباقي من الاشتراكات وإيرادات هيئة التأمينات الاجتماعية،
وأشار رئيس الوزراء إلى أن موازنة الصحة والتعليم أيضاً زادت مخصصاتها بصورة كبيرة، فضلاً عن دعم الإسكان الاجتماعي، والعديد من البرامج العينية التي تنفذها الدولة لمساعدة الفئات الأكثر احتياجا وفقراً، مضيفا أن برنامج “تكافل وكرامة” من أهم البرامج التي أطلقها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي على مدار السنوات الماضية، والذي كان أيضاً جزءا من تدخل الدولة لمواجهة الأزمة العالمية منذ ثلاثة أشهر، حيث تمت إضافة 450 ألف أسرة، ووصل عدد المستفيدين من البرنامج إلى 4.1 مليون أسرة مصرية، وبلغت تكلفته في الموازنة العامة 22 مليار جنيه، لافتاً إلى أن حزمة الدعم التي تقدمها الدولة المصرية تتجاوز 490 مليارا لصالح برامج الدعم والحماية الاجتماعية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه في أبريل الماضي، ومع استمرار الأزمة العالمية وموجة التضخم، تدخلت الدولة بمجموعة من الإجراءات تضمنت زيادة المرتبات 3 أشهر مقدماً، والمعاشات، وتم إضافة 450 ألف أسرة لبرنامج “تكافل وكرامة”، ومجموعة من الإجراءات التي نفذت فقط منذ ثلاثة أشهر، ومنها إرجاء زيادة أسعار استهلاك الكهرباء، وهذه الإجراءات تستهدف دعم المواطنين من محدودي الدخل في هذه المرحلة الاستثنائية في حدود ما تسمح به إمكانات الدولة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه ومع كل هذه البرامج والتدخلات، كان توجيه الرئيس السيسي خلال هذه الفترة شديدة الاستثنائية والقسوة على العالم كله، بتقديم حزمة إضافية تساعد المواطنين البسطاء ومحدودي الدخل، لذا عكفت الحكومة والمسئولون على وضع مقترحات جديدة تم عرضها علي السيد الرئيس والذي وجه بإطلاقها على الفور، موضحاً أن الحزمة تتضمن بشكل أساسي رفع عدد المستفيدين من معاشات “تكافل وكرامة” من 4.1 مليون أسرة إلى أكثر من 5 ملايين أسرة، فالدولة المصرية تخدم بذلك أكثر من 20% من الشعب المصري، تتمثل في صرف معاش أو دعم نقدي بشكل مباشر بصورة دائمة، وهذا أمر مهم للغاية لتدخل الدولة بمجموعة من الحزم لمساعدة الأكثر احتياجا، ونحن اليوم بصدد زيادة المستفيدين من هذا الدعم النقدي من 4.1 مليون أسرة إلى أكثر من 5 ملايين أسرة، أي أن ما بين 900 ألف أسرة إلى حوالي مليون أسرة جديدة ستنضم إلى هذا الدعم بإجمالي تكلفة لهذه الأسر المستهدفة تقدر بنحو 5.5 مليار جنيه سنويا.
وفي هذا الإطار، وجه الدكتور مصطفى مدبولي الشكر لمنظمات المجتمع المدني على التنسيق الدائم بين الدولة المصرية والتحالف الوطني في هذا الشأن، وحرصها على المساهمة الدائمة في العمل الوطني والتنموي، وبذل الجمعيات الأهلية الكبرى في مصر جهودا كبيرة في سبيل تحقيق ذلك، وإسهاماتها التي بلغت (خلال العام 2020-2021 ) نحو 3.5 مليار جنيه، من خلال المساهمات الكبيرة في العديد من المشروعات المتنوعة لدعم المواطنين البسطاء.
كما أشار رئيس الوزراء، في السياق نفسه، إلى أنه فيما يتعلق بـ 900 ألف أسرة إلى مليون أسرة فستتحمل الدولة التكلفة المالية لـ 500 ألف أسرة من الأسر المستهدفة، على أن يتحمل المجتمع الأهلي التكلفة لما بين 400 و 500 ألف أسرة الأخرى، وبذلك ستخصص الدولة من الاحتياطي النقدي المخصص للطوارئ في الموازنة العامة نحو 3 مليارات جنيه، لتغطية زيادة عدد الأسر المستفيدة فيما يتعلق بالجزء الذي ستتحمله الدولة، فيما ستتحمل الجمعيات الأهلية نحو 2.5 مليار إلى 3 مليارات جنيه، مشددا على أننا هنا نتحدث عن برنامج دائم وليس مؤقتا لاستهداف مليون أسرة جديدة، وهي طفرة كبيرة، حيث تشهد زيادة بنسبة 25% من المستفيدين ببرنامج الدعم النقدي.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة وضعت برنامجا آخر لكنه بشكل استثنائي يتضمن حزمة إضافية، مذكرا بما أكده في وقت سابق من أن الدولة تتحمل دوما العبء الأكبر في أي زيادات تشهدها أسعار السلع والمنتجات وتمرير الجزء اليسير للمواطنين، مشيرا إلى أن هذه الحزمة الإضافية تأتي في ظل ما نشهده من اضطراب شديد في الأسعار والتضخم، بحيث تكون استثنائية لمدة 6 أشهر تضخ خلالها الدولة اعتمادات مالية تصل إلى مليار جنيه شهريا، أي بإجمالي 6 مليارات خلال الستة أشهر وتتضمن هذه الحزمة منح 9.1 مليون أسرة مساعدات إضافية شهرية للأسر الأكثر احتياجا تبلغ قيمتها 100 جنيه إضافية شهريا ويتم صرفها في صورة سلع من الحزمة التموينية التي تقوم الدولة بصرفها، وتستطيع هذه الأسر الاستفادة من هذا المبلغ طوال الستة أشهر، ولقد حددنا هذه المدة كسيناريو تطلعنا من خلاله أن تنتهي الأزمة العالمية الراهنة، ولكن وجدنا من واجب الدولة التدخل للتقليل من حدة هذه الأزمة على الأسر المستهدفة.
وقال رئيس الوزراء: إذن نحن نتحدث عن حزمة مالية إضافية تتكلف بين 11.5 مليار إلى نحو 12 مليار جنيه ( 6 مليارات في هذه الحزمة الإضافية ونحو 5.5 مليار تكلفة إضافة الأسر المستهدفة لبرنامج الدعم النقدي)، مشيرا إلى أن عدد بطاقات التموين للأسر المستحقة يبلغ 23 مليون بطاقة، وقال: هنا يمكن أن يتساءل البعض عن أسباب تحديد 9.1 مليون أسرة مستحقة لهذه الحزمة، من بين 23 مليون أسرة، فقد أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أنه تم اختيار الـ 9.1 مليون أسرة بناء على عدد من المعايير الواضحة عمل على إعدادها مجموعة من مؤسسات الدولة والحكومة منها وزارات: التضامن الاجتماعي، والتموين، والمالية، وهيئة الرقابة الإدارية؛ لتحديد الأسر الأكثر احتياجا من بين المستحقين للبطاقات التموينية، كما أن الحزمة ستشمل أيضا من يتقاضون معاش “تكافل وكرامة” أو معاش الضمان الاجتماعي أو من تقل دخولهم عن الحد الأدنى والأرامل والمطلقات وكبار السن.
ولزيادة إيضاح الأمر، أشار رئيس الوزراء إلى أن مؤسسات الدولة عكفت مع هيئة الرقابة الإدارية على وضع هذه المعايير، وكذا بناء قاعدة بيانات متكاملة على مدار الفترة الماضية، وأصبح لدينا اليوم قاعدة بيانات دقيقة للغاية مكنتنا من اختيار 9.1 مليون أسرة سيوجه إليهم هذا الدعم الاستثنائي لمدة 6 أشهر.
وكشف الدكتور مصطفى مدبولي عن أن من بين الـ 9.1 مليون أسرة المحددة يوجد أكثر من 620 ألف أسرة لا يتوافر لديها بطاقات تموين من الأساس، وهو ما تم حصره من خلال قاعدة بيانات محدودي الدخل لدينا، فهؤلاء يستحقون أن يتم التدخل الاستثنائي لصالحهم، فتوافقنا أن يُصرف لهم من خلال بطاقات المعاشات أو بطاقة ميزة، بحيث يوضع المبلغ على البطاقات الخاصة بهم ويمكنهم الاستفادة بهذا المبلغ طوال مدة الـ 6 أشهر التي نعتبرها فترة استثنائية.
كما أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الـ 9.1 مليون أسرة بها 36.5 مليون مواطن، فبالإضافة لمعاش “تكافل وكرامة”، سيقدم لهم هذا الدعم الاستثنائي طوال الفترة المقبلة لمدة 6 أشهر، وهذا بالطبع كان تدخلا مهما للغاية حتى يستفيد منه المواطنون في هذه المرحلة الصعبة التي يواجهها العالم كله.
وأوضح “مدبولي” أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وجّه بتوفير “الكراتين” الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة، وهو جهد كبير تقوم به المؤسسات المعنية، والقوات المسلحة، ووزارات: الداخلية، والتموين، والتضامن، والجمعيات الأهلية لإعداد هذه “الكراتين” وتوزيعها على المواطنين بأسعار مخفضة.
وأضاف أن توجيه الرئيس في هذا الصدد أن يتم توزيع مليوني “كرتونة” شهريا على مدار الأشهر الستة المقبلة والتكلفة الفعلية للكرتونة الواحدة تبلغ قيمتها 120 جنيها، كما وجّه السيد الرئيس أن تُباع هذه “الكرتونة” للمواطن بـ 50 جنيها فقط، أي أن الدولة تتحمل 70 جنيها قيمة الفرق في التكلفة من خلال مؤسساتها المختلفة حتى تقدم منفذا آخر للسلع المدعمة، وهذه المبادرة ستستهدف المناطق الأكثر احتياجا في القرى والنجوع والمناطق التي تتواجد بها هذه الفئات حتى نصل لبيوت أهالينا البسطاء.
ووصف رئيس الوزراء هذه المبادرة بأنها جيدة وستقدم من خلالها الدولة الدعم للفئات المستحقة على مدار الفترة المحددة، وقد كانت مرتبطة قبل ذلك بمواسم مثل شهر رمضان أو بعض الأعياد، مثل عيد الأضحى (اللحوم والأضاحي)، لكن التوجيه الرئاسي الجديد أنها ستكون مستمرة لمدة 6 أشهر، وهو برنامج ثالث أو حزمة ثالثة الدولة سنبدأ في تفعيلها على الفور.
وفيما يتعلق ببدء تطبيق صرف الحزمة الاستثنائية، أوضح رئيس الوزراء أن التنفيذ يتطلب إجراءات لوجستية وترتيبات، خاصة بالنسبة للأسر التي ليس لها بطاقات صرف، وسنقوم بعمل بطاقات لها في أسرع وقت ممكن وسيتم تسليمها إليها وتفعيلها ويمكن لها أن تصرفها من خلال البريد، لذلك نستهدف أن يكون بدء التطبيق في نهاية شهر أغسطس ؛ حتى يتسنى إنهاء هذه الإجراءات اللوجسيتية.
وفي الوقت نفسه، أكد رئيس الوزراء أن الدولة قادرة على استيعاب هذه الزيادة، وهي الـ 100 جنيه التي ستصرف لـ 9.1 مليون أسرة، تعادل تكلفتها مليار جنيه شهريا، وكذلك فيما يتعلق بما تقوم به الدولة من تأمين لمخزون كبير من السلع، فستظل احتياطاتنا مؤمنة بالشهور، كما اعتدنا أن نعلنها دوما لحضراتكم.
كما أكد رئيس الوزراء، من جهة ثانية، أننا تجاوزنا السبعة أشهر في احتياطي القمح، لافتاً إلى أن المؤسسات الدولية كانت ترى أن مصر من أكثر الدول المهددة، لكن بفضل الله أصبح اليوم لدينا احتياطي يتجاوز 7 أشهر أي حتى شهر فبراير عام 2023، لافتاً إلى أن كل هذه الخطوات التي تتخذها الدولة تأتي لمجابهة الأزمة العالمية الاستثنائية التي يمر بها العالم كله، ومؤكداً أن كل مؤسسات الدولة تعمل بهدف تقليل الأعباء على المواطنين وبالأخص على محدودي الدخل خلال هذه المرحلة.