الذهب يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. الأوقية تصل إلى 3477 دولار بدعم من الطلب الاستثماري وتزايد المخاوف الاقتصادية
ارتفعت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، لتسجل الأوقية أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزةً الرقم القياسي السابق المُسجل في أبريل الماضي، وذلك عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رسوم جمركية وُصفت بأنها «يوم التحرير»، في ظل ضعف الدولار وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا الشهر، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة».
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب بالأسواق المحلية ارتفعت بنحو 5 جنيهات خلال تعاملات اليوم ومقارنة بختام تعاملات أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4730 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بنحو 7 دولارات، لتسجل 3484 دولارًا، بعد أن لامست أعلى مستوى لها عند 3509 دولارات.
وأضاف، أن عيار 24 سجل 5406 جنيهات، وعيار 18 بلغ 4054 جنيهًا، وسجل جرام الذهب عيار 14 نحو 3154 جنيهًا، بينما ارتفع سعر الجنيه الذهب إلى 37840 جنيهًا.
وكانت أسعار الذهب قد ارتفعت خلال تعاملات أمس الإثنين، بنحو 35 جنيهًا، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 4690 جنيهًا، وأغلق عند 4725 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بنحو 30 دولارًا، حيث افتتحت التعاملات عند 3447 دولارًا، واغلقت عند 3477 دولارًا.
عوامل الارتفاع
قفزت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي تاريخي مدعومةً باستمرار الطلب القوي على المعدن النفيس في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وأوضح إمبابي أن الذهب استفاد من إقبال المستثمرين عليه كوسيلة للتحوط من التضخم والمخاطر الاقتصادية الكلية.
وأضاف أن الضغوط المتزايدة على مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد تدخلات ترامب ومحاولته إقالة الحاكمة ليزا كوك، قد أججت المخاوف بشأن استقلالية السياسة النقدية الأمريكية، ما زاد من شهية المستثمرين للذهب.
ويحذر محللون من أن أي خفض للفائدة تحت ضغط سياسي قد يفاقم الضغوط التضخمية.

تصريحات وتحليلات
شدد إمبابي على أن تزايد مستويات عدم اليقين يعزز من جاذبية الذهب، لافتًا إلى أن “التحدي المباشر من ترامب لاستقلالية الفيدرالي، إلى جانب العجز الكبير في الموازنة الأمريكية، يمثلان المحركين الرئيسيين لسعر الذهب حاليًا”.
كما ارتفعت الفضة إلى مستوى قياسي جديد اليوم الثلاثاء بنسبة 0.3% لتسجل 40.8 دولارًا للأوقية، وما زالت تتداول بخصم مقارنة بالذهب وفق المتوسطات التاريخية، رغم تضييق الفجوة مؤخرًا بفعل الإقبال الاستثماري المتزايد.
وفي السياق نفسه، حذرت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، من أن محاولات ترامب لتقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي تمثل “خطرًا جسيمًا للغاية” على الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن أي اضطرار للفيدرالي للاستجابة لضغوط سياسية سيكون له أثر “مقلق للغاية” على استقرار الاقتصاد الأمريكي وبالتالي على بقية العالم.
أبعاد جيوسياسية

وأشار إمبابي إلى أن تراجع الآمال في التوصل إلى حل سريع للحرب في أوكرانيا، ساهم في دعم الاتجاه الصعودي للذهب، كما أن تصاعد حدة الصراعات في مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط يعزز من مكانة الذهب كملاذ آمن.
توقعات المؤسسات
كتب محللو جولدمان ساكس في مذكرة حديثة أن التدفقات الداخلة إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب برزت كمصدر رئيسي للطلب، وساهمت بشكل كبير في دعم الأسعار، وتوقعوا أن تصل الأوقية إلى 4000 دولار بحلول منتصف العام المقبل.
وأضاف التقرير أن أسعار الذهب تضاعفت تقريبًا منذ بداية 2023 بدعم من مشتريات البنوك المركزية، التي كثفت من حيازاتها بهدف التحوط ضد التضخم، وفي العام الماضي، تفوق المعدن الأصفر على اليورو ليصبح ثاني أكثر أصول الاحتياطيات شيوعًا بعد الدولار، ممثلًا نحو 20% من الاحتياطيات الرسمية عالميًا.
وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، فإن قائمة كبار المشترين شملت الهند والصين وتركيا وبولندا، في إطار اتجاه متواصل نحو تقليص الاعتماد على الدولار.
تحولات استراتيجية
أكدت تقارير اقتصادية أن العالم يشهد تحولًا تاريخيًا، إذ تفوقت احتياطيات البنوك المركزية من الذهب على حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية لأول مرة منذ عام 1996، وهو ما وصفه خبراء بأنه “إعادة توازن عالمي كبرى”.
وقال تشارلز هنري مونشو، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Syz السويسرية، إن هذا التحول يعكس رغبة القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها روسيا والصين، في تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر تراكم الذهب كأصل استراتيجي يحميها من الأزمات والعقوبات.
