خلال فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الاقتصادي – مصر 2022، والذي تعقده الحكومة بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لوضع خارطة طريق نحو اقتصاد أكثر تنافسية، انعقدت فعاليات الجلسة الثانية تحت عنوان “فرص وآفاق التمويل الدولي لدعم القطاع الخاص”، والتي شهدها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبمشاركة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والعديد من ممثلي مؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص سواء على مستوى الشركات الكبرى أو الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن ممثلي مجلس النواب.
وفي بداية الجلسة استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، الآليات والأدوات التي يتم من خلالها تعزيز العلاقة بين القطاع الخاص وشركاء التنمية، والموقف الحالي للعمل المشترك بين الجانبين، مشيرة إلى أن العلاقات الوطيدة بين الحكومة وشركاء التنمية انعكس إيجابًا على دور مؤسسات التمويل الدولية في تعزيز العمل المشترك مع القطاع الخاص من خلال التمويلات التنموية والدعم الفني، وخلال الفترة المقبلة مع تطبيق وثيقة سياسات ملكية الدولة وتنفيذ المزيد من التخارجات الحكومية سيكون هناك المزيد من الفرص التنموية التي يشارك فيها القطاع الخاص والتي ستفتح آفاق أكثر رحابة للعلاقة المشتركة بين الجانبين.
وقالت “المشاط”، إن محفطة التمويل للمشروعات الجارية في قطاعات الدولة خلال العام الجاري، تسجل نحو 23.4 مليار دولار تتوزع بواقع 24% لقطاع النقل و24% لقطاع الإسكان و11% لقطاع الطاقة و5% لدعم الموازنة و4% للزراعة والري و27% لقطاعات أخرى، بينما تبلغ التمويلات التنموية الجارية للقطاع الخاص نحو 7.3 مليار دولار منقسمة بواقع 3.11 مليار دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 1.67 مليار دولار، ومؤسسة التمويل الدولية بقيمة 1.25 مليار دولار، ووكالة ضمانات الاستثمار “ميجا” 500 مليون دولار، وهيئة التعاون الدولي اليابانية “جايكا” 200 مليون دولار، وكذلك صندوق الأوبك للتنمية الدولية، 145 مليون دولار، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” 76 مليون دولار، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي 61 مليون دولار.
وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أنه رغم التحديات الضخمة التي مر بها العالم منذ بداية 2020 بداية من جائحة كورونا، إلا أن حزم التمويل التنموي والدعم الفني من شركاء التنمية سواء للقطاعين الحكومي أو الخاص كانت كبيرة، وبلغت نحو 20 مليار دولار، من بينها 4.7 مليار دولار للقطاع الخاص بواقع 1.5 مليار دولار في عام 2021 و3.2 مليار دولار في عام 2020، منوهة بأن البنوك المصرية لها خصوصية شديدة في التعامل مع شركاء التنمية حيث حصلت على تمويلات ضخمة وصلت إلى 3 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021 تمثل 70% من تمويلات القطاع الخاص لإعادة توجيهها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دور البنوك في دعم القطاع الخاص.
وتطرقت إلى الآليات المباشرة وغير المباشرة التي تدعم من خلالها مؤسسات التمويل الدولية شركات القطاع الخاص في مصر، فعلى مستوى الآليات المباشرة فإنه يتم تمويل المشروعات الكُبرى مثل أول مزرعة رياح بخليج السويس ومحطة كوم امبو للطاقة الشمسية بأسوان، وتوفير أدوات الاستثمار مثل السندات الخضراء وإطلاق صناديق الاستثمار، إلى جانب تسهيلات التجارة الخارجية، والخدمات الاستشارية والفنية وبناء القدرات، فضلا عن ضمانات الاستثمار.
بينما على مستوى الاستثمارات غير المباشرة، فإن الشراكات الدولية تتيح الدعم الفنى والاستشارى لتمكين القطاع الخاص، تمويل المشروعات التنموية المنفذة بالشراكة مع القطاع الخاص، مثل مشروعات مترو الأنفاق، والتمويلات الميسرة لدعم الموازنة، وتمويل سياسات التنمية والاصلاحات الهيكية والقطاعية التي تنفذها الحكومة.
وتناولت وزيرة التعاون الدولي أيضًا، الدور الذي تقوم به شركة مصر لريادة الأعمال والاستثمار، والتي تعد أول آلية لرأس مال المخاطر بدعم حكومي من خلال وزارة التعاون الدولي بالشراكة مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، تعمل على تدعيم الاستثمار في الشركات التكنولوجية الناشئة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر من خلال ثلاث مسرعات أعمال هي Falak Startups، وFlat6Labs، وEFG-EV Fintech، وتسهم الشراكات الدولية في تعزيز دور هذه الشركة من خلال تمويلات تنموية ودعم فني، ما مكنها حتى منتصف عام 2022 من تمويل 191 شركة ناشئة على استثمارات ودعم استشاري، ساهمت في توفير أكثر من 4500 فرصة عمل، وتم تنفيذ 3 تخارجات من الشركات الناشئة لصالح القطاع الخاص.
وأكدت “المشاط”، أن وزارة التعاون الدولي تعمل على تحديث ووضع استراتيجيات التعاون الدولي والتمويل الإنمائي مع العديد من شركاء التنمية على مستوى الثلاث والخمس سنوات، مثل الأمم المتحدة والبنك الاوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وبنك التنمية الأفريقي، وذلك بالتنسيق الكامل مع كافة الأطراف ذات الصلة والوزارات المعنية، والتي يأتي تمكين وتحفيز القطاع الخاص كجزء ومحور رئيسي من هذه الاستراتيجيات.
وشددت على أهمية تطوير البنية التحتية الأساسية من أجل تحفيز القطاع الخاص، وفي هذا الإطار فإن التمويلات التنموية الجارية ضمن محفظة وزارة التعاون الدولي لتطوير البنية التحتية تبلغ نحو 18.5 مليار دولار، لافتة إلى أن المحفظة تضم 149 مشروعًا لزيادة الاستثمار في رأس المال البشري بقيمة 5.5 مليار دولار، وهذه التمويلات تنعكس أيضًا على دخول القطاع الخاص في قطاعات حيوية مثل المشروعات الصغيرة والأمن الغذائي والصحة.
ونوهت وزيرة التعاون الدولي، بأنه في إطار سعي وزارة التعاون الدولي لتحفيز الشراكات بين مؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص، فإنه يجري العمل على تدشين وحدة خاصة بوزارة التعاون الدولي لزيادة الوعي ونشر آليات الشراكة بين شركاء التنمية والقطاع الخاص، تحت مظلة رؤية الدولة لتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية.
واختتمت “المشاط”، كلمتها بالحديث حول المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نُوَفِّي”، والتي تم أطلاقها يوليو الماضي، بهدف تمويل المشروعات ذات الأولوية في قطاعات المياه والغذاء والطاقة، من خلال التمويلات التنموية والمختلطة والدعم الفني واستثمارات القطاع الخاص.
وشهدت الجلسة مشاركة فعالة من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي مؤسسات التمويل الدولية، حيث استعرض المهندس/ أحمد السويدي، العضو المنتدب لشركة السويدي إلكتريك، الشراكات الناجحة مع مؤسسات التمويل الدولية للمساهمة في تنفيذ مشروعات كبرى مثل بنبان وأول ميناء جاف بالسادس من أكتوبر، لافتا إلى ان التعاون الفترة المقبلة في غاية الأهمية من أجل تسويق وتنمية المناطق الصناعية والمساهمة في مشروعات الري الحديث من أجل الحفاظ على المياه.
ومن جانبه قال المهندس إبراهيم زاهر، رئيس شركة IND العاملة في مجال الإنشاءات والطاقة الشمسية، إن الإصلاحات الحكومية والتمويل التنموي الذي حصلت عليه الشركة مكنها من العمل في مشروع بنبان للطاقة الشمسية والشراكة مع شركات كبرى.
وأوضح محمد الإتربي، رئيس اتحاد بنوك مصر، إن الشراكات الناجحة بين البنوك المصرية والمؤسسات الدولية تدعم قدرتها على الشراكة مع البنوك الدولية، وتعمل على تقوية مراكزها بالعملات الأجنبية من أجل دعم القطاعات التنموية الواعدة.
وأكد الدكتور هاني سري الدين، عضو مجلس الشيوخ، أنه في ظل أهمية مشاركة القطاع الخاص في التنمية، فلابد من إعادة النظر في دور وحدة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وإعادة هيكلتها بما يعزز دورها مرة أخرى، ويفتح مزيد من الآفاق للشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، للحفاظ على استدامة مشروعات البنية الأساسية المنفذة. فضلا عن دعم الجهات الحكومية لوضع استراتيجيات لتمكين القطاع الخاص.
وأكدت الدكتورة هايكي هارمجارت، المدير الإقليمي لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، انفتاح البنك على مزيد من الشراكات مع القطاع الخاص لاسيما من خلال المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نوفي”.
وتحدث شيخ عمر سيلا، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية، حول الآليات والأدوات التي تعمل من خلالها مؤسسة التمويل الدولية لتمكين القطاع الخاص من خلال الاستثمارات والسندات، ودورها في تنفيذ مشروعات هامة مثل بنبان أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية. وقال نادر محمد، المدير الإقليمي للنمو العادل بالبنك الدولي، إن الشراكة هامة مع الحكومة المصرية وتتجدد كل أربع سنوات وأن القطاع الخاص محور رئيسي من محاور الشراكة بين الجانبين.
وأوصى المشاركون في الجلسة بضرورة التوسع في آليات تمكين القطاع الخاص وتمويله فضلا عن أدوات الاستشارات والدعم الفني من خلال المؤسسات الدولية، فضلا عن توسيع نطاق دور وزارة التعاون الدولي من خلال نشر الآليات والتوعية بهذه الشراكات على أوسع نطاق.