حذر ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي، من أن العالم لم يشهد قط حالة ركود مماثلة في العديد من الدول مثلما يحدث في الوقت الحالي؛ والذي تسبب بشدة في فقدان رأس المال والوظائف وسبل العيش.
وأوضح مالباس، خلال كلمته في العاصمة البولندية وارسو تحت عنوان “معالجة تحديات النمو والأمن والاستقرار”، أن مقابل كل زيادة بنسبة نقطة مئوية واحدة في أسعار المواد الغذائية، من المتوقع أن يقع 10 ملايين شخص في براثن الفقر المدقع؛ وهو ما يجعل الارتفاع المفاجئ لأسعار السلع الأساسية لن يتحمله سوى الأثرياء فقط.
ونوه مالباس إلى أن الحرب في أوكرانيا وعواقبها تسببت في نقص مفاجئ في الطاقة والأسمدة والغذاء، مما أدى إلى زيادة السخط بين الحكومات وبين الأفراد ضد حكوماتهم، وأثرت كذلك على الأشخاص في كافة أنحاء العالم؛ فقد تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء في كافة أنحاء العالم.
وأشار إلى أن الاضطرابات التجارية تسببت بالفعل في ارتفاع أسعار الحبوب والسلع؛ حيث انخفضت صادرات القمح من موانئ البحر الأسود بشكل حاد، وتسبب الجفاف الشديد في أمريكا الجنوبية في تراجع إنتاج الغذاء العالمي.
ولفت إلى أنه بالرغم من أسواق السلع الغذائية العالمية تحاول التكيف مع الاضطرابات في الإنتاج، إلا إن هناك عوامل إضافية تزيد من حدة مشاكل الإمدادات الغذائية الحالية – وهي الإمداد بالأسمدة، وأسعار الطاقة، والقيود المفروضة ذاتيًا على تصدير الغذاء، فيما تعتمد أسعار الأسمدة على أسعار الغاز الطبيعي التي ارتفعت بشكل كبير.
وأوضح أن شحن الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا تسبب في حدوث نقص في الغاز الطبيعي المسال في أماكن أخرى بالعالم، مما يقلل من إنتاج الأسمدة ويعطل موسم البذر وإنتاجية الحصاد.
وأشار، إلى أنه في الوقت الذي تُعد فيه روسيا وبيلاروسيا من كبار منتجي الأسمدة في العالم، فهذا يزيد بشكل ملموس من أزمة أمن الغذاء الذي يُعاني منها العالم.
وتطرق رئيس البنك الدولي، في كلمته إلى حالات العنف في كافة أنحاء العالم وانعدام الأمن في كثير من المناطق منبها إلى أن هذه القضايا تسببت في انتكاسات خطيرة للنمو والتنمية على مستوى العالم، موضحا أنه في العام الماضي شهدنا انهيار أفغانستان وأزمة لبنان وانقلابات وأعمال عنف في منطقة الساحل وإثيوبيا والصومال واليمن، فيما يعيش ملايين السوريين في مخيمات للاجئين في الأردن ولبنان وتركيا، ويظل الصراع قائم في ميانمار وأجزاء أخرى من آسيا.
ولفت إلى أنه في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ترتفع معدلات الجريمة والعنف بشكل مثير للقلق، حيث تسيطر العصابات الإجرامية أو عصابات المخدرات على بعض المناطق الحضرية والريفية، مشيرا إلى أن انعدام الأمن أصبح أمرًا مُقلقًا للغاية؛ حيث تواجه 39 دولة من بين 189 دولة عضو في مجموعة البنك الدول حالات صراع قائمة أو أوضاع اقتصادية هشة بشكل مقلق؛ ما دفع بتضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون في مناطق صراع تقريبًا بين عامي 2007 و2020.
وأفاد بأنه في يومنا الحالي، يعيش في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحد من كل خمسة أشخاص في منطقة متأثرة بالصراع.. كما أدى هذا التدهور الأمني لارتفاع عدد اللاجئين إلى أكثر من الضعف خلال العقد الماضي ليتجاوز 30 مليون لاجئ في عام 2020.
وأكد أن الحرب في أوكرانيا تسببت بالفعل في نزوح 10 ملايين شخص إضافي من ديارهم، مما دفع بأكثر من 4 ملايين شخص – معظمهم من النساء والأطفال – إلى اللجوء إلى البلدان المجاورة، أغلبهم في بولندا ورومانيا.
وأفاد بأنه منذ تفشي جائحة كورونا، يُعاني العالم طوال الوقت من نكسات صحية واقتصادية واجتماعية ناجمة عن الجائحة والإغلاق الاقتصادي؛ حيث تسبب الجائحة في وفاة الملايين ودفعت بملايين آخرين إلى انتكاسات هائلة في مجال التنمية التي أثرت على الفقراء بشكل خاص.
كما أدت الجائحة إلى تدهور المؤشرات العالمية بشأن الغذاء والتغذية والصحة، فيما تغيب الأطفال عن مدارسهم لأكثر من عام بسبب إغلاق المدارس، وظل 1.6 مليار طفل خارج مدارسهم على مستوى العالم في ذروة عمليات الإغلاق، ما تسبب في حدوث تدهور وخسائر تُقدر بتراجع عقد كامل من المكاسب في رأس المال البشري.
وبشأن الأزمة الأوكرانية، أعلن ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي، اليوم، أن البنك يُعد حاليًا حزمة مساعدات بقيمة 1.5 مليار دولار لأوكرانيا بهدف دعم استمرار الخدمات الحكومية الأساسية خلال الحرب.
وأوضح أن تلك الحزمة حازت على موافقة المؤسسة الدولية للتنمية بتقديم مبلغ مليار دولار لأوكرانيا و100 مليون دولار لمولدوفا من قبل البلدان المانحة.
وأضاف مالباس أن البنك يستهدف مساعدة اللاجئين الأوكرانيين والمجتمعات على استيعاب الأوكرانيين ومساعدة الملايين من المشردين داخليا في أوكرانيا الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم.