يعتبر حى العباسية أحد أشهر وأقدم الأحياء الموجودة بمحافظة القاهرة ويتميز بوجود جامعة عين شمس به، وهى واحدة من أعرق الجامعات المصرية.
ولكن قبل ان يصبح حى العباسية واحدا من أهم أحياء القاهره كان قطعة صحراء فى بداية القرن الماضى، وكان يوصف أول من فكر فى تعمير هذه المنطقة والسكن بها بالجنون خاصة بعد إنشاء مستشفي للمرضي النفسيين بالمنطقة فى العقود التالية، لذا ظلت الكلمة الدارجة المتعلقة بتسمية هذا الحى رمز للجنون لفترات طويلة بين عوام الناس.
ويعد أول من قرر السكن فيها بشكل مستقر فى العصر الحديث هو الوالى “عباس حلمى الأول” ، أكبر أحفاد محمد على باشا فهو ابن أكبر ابناؤه طوسون الذى توفى فى حياة والده، وقد حكم عباس الأول لفترة لما تتجاوز 6 سنوات عقب وفاة عمه إبراهيم وقبل عمه سعيد الذى كان عباس يكبره بأعوام قليلة.
وسميت المنطقة بعده أسماء قبل تسميتها بحى العباسية منها ” الريدانية” فالكثيرون يعرفون موقعه الريدانية ، وسميت بذلك نسبة إلى ريدان الصقلي أحد حاشية الخليفه الفاطمي العزيز بالله وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين من خلالها للقاهرة، حيث تم إهمال هذه المنطقة وتغير اسمها إلى ” الحصوة ” حتى اكتشفها ثانيه ” عباس حلمي الأول” ثالث حكام الأسرة العلوية .
وضع أساس الحي عباس حلمي الأول باشا والي مصر بعد وفاة الوالي الثاني إبراهيم باشا في عام 1848م وإستمرَ واليًا على مصر حتى عام 1854م فقد قررَ عباس الأول تشييد ثكنات عسكريّة للجيش المصري على حافة الصحراء ووضعَ أسُس حي العباسية وشجع الناس على تعمير هذه المنطقة عن طريق منح الأراضي وتشييد مستشفى ومدرسة وقصر.
وأرجع بعض أقارب الوالى عباس حلمى الأول ميله للعزلة والعيش بالصحراء بدلا من القاهرة والجيزة أول القلعة مقر الحكم ، إلى مرض نفسي أو جنون ألم به، خاصة مع بعض الصفات الغريبة التى اتسم بها هذا الوالى وتغييره للكثير من قواعد الحكم فى مصر والتى استمرت نحو نصف قرن فى عهد جده محمد على وعمه إبراهيم باشا.
وسارَ على منوال عباس حلمى الأول، الوالي الرابع سعيد باشا فقد كانَ عباس يميل للعزلة و إختار أن يبني قصوره في المناطق الهادئة فقام ببناء قصرًا ضخمًا في العباسية و لذلك سمي حي العباسية بهذا الاسم ، وفي عهد إسماعيل باشا أنشأ عدة مدارس عسكريّة فيها ونقلَ إليها مدرسة الضباط المدرسة الحربية لكّي يُسهلّ على التلاميذ القيام بالتمرينات الحربية وضرب النار في الخلاء.
كمّا أنشأ مدرسة الري والعمارة وسُميَت «المهندسخانة» 1866، بسراي الزعفران التي أنشأها الخديوى إسماعيل باشا، وسمّاها «زعفران» نسبةً إلى نبات وزهرة الزعفران التي كانت تنمو كثيرًا في المنطقة.
وبلا شك أنّ كُل هذه المنشأت العسكرية وضعت الأساس السليم لحي العباسية، والذي كانت بدايتهُ سراى ضخمة أقامها عباس الأول، ثُم بتشجيع من إسماعيل وتسهيل في تملُك الأراضي، انطلقَ الناس لتعمير العباسية، فى منطقة السرايات، أقيمت مدرسة الصناعة والزخرفة، التى أصبحت بعد ذلك كلية الهندسة، وبجوارها كثرت البنايات والعمارات الكبيرة التى تهافت عليها الأثرياء لسكنها وأصبح حى العباسيه حى الأثرياء ومهدًا للمنشأت العسكرية مع مرور الزمن.
وقد اشتهر حى العباسية بوجود مستشفى المجاذيب به أيضا ، على حد وصف المعاصرين فى ذلك الوقت، ويرجع تاريخه إلى عهد الخديو إسماعيل حيث أنشأت في جزء من السراى الصفراء التى أقامها الخديو إسماعيل لأنّ تلكَ المنطقة كانت تتميز بهواء صحى نقى وجو هادئ للمرضى ، ثُم إحترقت هذه السراى وأعاد بناءها الخديوي توفيق وعُرفَت من وقتها بإسم سراى المجاذيب.
سكن في العباسية مجموعة كبيرة من قادة مصر وساستها وأعلامها ومنهم جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكانا يسكنان في شارع غرب القشلاق ثم سكن جمال عبد الناصر في شارع الجلالى قبيل الثورة والفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري وهو من مواليد العباسية والفريق محمد صادق وزير الدفاع الأسبق.