أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل يومين وقف حالة الطوارئ في جميع انحاء مصر، التي تتجدد تباعا منذ عدة سنوات تجاوزت 107 سنة تقريبا منذ فرضها أول مرة خلال الحرب العالمية الأولى “1914-1918”.
وجاء ذلك القرار ليعكس حالة الاستقرار والأمان التي تتمتع بها مصر في ظل الجمهورية الجديدة. بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأعلن الرئيس عن إلغاء قانون الطوارئ في تدوينة على حسابه الرسمي عبر موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك، وجاء نصها: “باتت مصر، بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة”، “يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة”.
وتابع: “ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد”، “هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء”.
يتسائل الكثيرين عن معنى إلغاء حالة الطوارئ فى مصر، ويقدم موقع صدى البلد عقارات تفاصيل عن هذه الحالة التى استمرت فى مصر لعقود طويلة وأسبابها.
حالة الطوارئ تعلن كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء، ويكون إعلان حالة الطوارئ وانتهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية، وتتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه.
حالة الطوارئ ليست جديدة على مصر، فهى شبه مستمرة فى مصر منذ عام 1914 أيام الاحتلال البريطاني، واشتراك بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، حيث شهدت مصر فرض قوانين استثنائية توسّع صلاحيات السلطات الحاكمة وقتها للتصرف بما تراه مناسبًا لفرض الأمن والنظام في البلاد.
تم فرض حالة الطوارئ للمرة أخرى مع بدء العدوان الثلاثي علي مصر 1956 ، والذي شنته القوات البريطانية والإسرائيلية والفرنسية، على مصر بعد تأميم قناة السويس التي كانت تديرها بريطانيا، لكن قبل العدوان الثلاثي كانت هناك قوانين استثنائية مازالت قائمة منذ العقد الثاني من القرن الماضي، تحت ما يُعرف بـ”الأحكام العرفية”، فمع اندلاع الحرب العالمية فرض الاحتلال البريطاني تلك الأحكام في مصر للمرة الأولى، وعيّن حاكماً عسكرياً للبلاد، وتضمن دستور البلاد 1923 النص الأول الذي ينظم تلك الأحكام العرفية، حيث نصت المادة (45) من الدستور على أن يكون الملك هو من يعلن الأحكام العرفية، مع ضرورة عرضها فوراً على مجلس الأمة، ليقرر استمرارها أو إلغاءها.
وفيما بين عامي 1939 و1943 أُعيد فرض الأحكام العرفية مجددًا في البلاد، وبقيت سنوات مفروضة نظراً إلى الظروف حينها، ففي الحالة الأولى جرى فرضها على إثر الحرب العالمية الثانية، وبقيت طوال فترة الحرب، والثانية كانت بعد دخول الجيش المصري في حرب فلسطين، واستمرت نحو سبع سنوات.
وقد أعيد فرض قانون الطوارئ في يناير 1952، عقب أحداث حريق القاهرة، قبل أشهر قليلة من ثورة يوليو 1952، واستمرت طوال السنوات الأولى من عمر الثورة.
وعقب ذلك تحولت المسميات من إعلان الأحكام العرفية إلى إعلان حالة الطوارئ، فمع شن العدوان الثلاثي ضد مصر، بدأت رحلة «قانون الطوارئ» التي استمرت لسنوات وعقود طويلة لاحقة حتى ألغاه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال العام الجاري.
وعلى مدى 13 سنة بقيت البلاد في حالة طوارئ منذ العدوان الإسرائيلي على مصر في يونيو 1967، وعلى الرغم من رفعها في نهاية عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات 18 شهرًا، لكنها عادت مجدداً بعد اغتياله في أكتوبر 1981، واستمر العمل بها طوال فترة حكم خلفه الرئيس الراحل حسني مبارك على مدى 30 سنة، وهو الأمر الذي كان مثار استنكار من جهات حقوقية محلية وعالمية آنذاك.
وكانت حالة الطوارئ في عهد مبارك تجدد سنوياً، ولاحقاً حدد مجلس الشعب تجديدها ثلاث سنوات حتى 2010، حين قرر البرلمان في مايو 2010 تجديدها لمدة سنتين فقط.
وعلى الرغم من أن إلغاء الطوارئ كان من بين المطالب الرئيسية لثورة 25 يناير 2011، فإن فرضها عاد مجدداً بعد اقتحام محتجين لمقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في سبتمبر من العام ذاته، وجرى تجديد العمل بها حتى مايو 2012 (أعلن حينها رسمياً إيقاف العمل بالطوارئ) في نهاية عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولى قيادة البلاد منذ تنحي مبارك عن السلطة في فبراير 2011.
وعاد فرض قانون الطوارئ مع أحداث العنف التي شهدتها البلاد عقب ثورة 2013، وجاء أول فرض لها مجدداً في أغسطس 2013 في أعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، وبقيت شهراً أيضًا.
وبعد إقرار دستور 2014 بتوافق شعبي كبير نظمت مادته (154) إعلان حال الطوارئ في البلاد، استناداً إلى قانون الطوارئ رقم (162) الذي صدر عام 1958، إذ تخول لرئيس الجمهورية إعلانها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، مع إلزامه بعرضها لاحقاً، خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام، على مجلس النواب وموافقة غالبية أعضاء المجلس لتمريرها.
كما نصت المادة على أن تعلن حال الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وألا تجدد إلا لمدة مماثلة بعد موافقة ثلثي عدد النواب، موضحة أن رئيس الجمهورية هو من يعلن حالة الطوارئ، وهو من يعلن انتهاءها، كما ينتهي العمل بها إذا رفض البرلمان إقرارها.
وعلى إثر ارتفاع منسوب العنف والإرهاب في البلاد، فرض الرئيس عبدالفتاح السيسي حال الطوارئ في سيناء منذ نهاية 2014، واتسعت لتشمل كل أراضي الجمهورية منذ أبريل 2017، وتحديداً بعد حادثة استهداف كنيستين بالإسكندرية وطنطا، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، ومنذ ذلك الحين يجري تجديدها كل ثلاثة أشهر بموافقة مجلس النواب.
القرار الذي يحمل رقم (174) لسنة 2021، ويخول للقوات المسلحة والشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين، تم تمديده وتجديده 18 مرة على مدى السنوات الخمس الأخيرة.