رحل عن عالمنا يوم أمس الإثنين 18 أكتوبر 2021 الجنرال والدبلوماسي ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق “كولن بأول”، وهو أول وزير خارجية أميركي من أصول إفريقية، عن عمر يناهز 84 عاما، وتوفي بسبب “مضاعفات مرتبطة بكوفيد-19”.
وجاء في بيان للعائلة نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي “لقد فقدنا زوجا وأبا وجدا رائعا ومحبا وأمريكيا عظيما” أشارت العائلة أنه “كان حاصل على جرعات اللقاح بالكامل”.
وعلي الرغم من إنجازات باول بالنسبة لدولته، الا ان اسمه دائما مرتبط وملطخا بالدماء، حيث انه مرسخاً في ذاكرة العرب بالجنرال القاتل الذي دمر كلا من أفغانستان والعراق وقدم شائعات علي وجود أسلحة نووية تسببت فى الحرب ضد العراق والتى قتل خلالها مئات ضحايا بسبب معلومات غير مؤكدة عن امتلاك العراق لأسلحة نووية.
وتزامنت وفاة باول مع الخروج الأمريكي من أفغانستان بعد معارك استمرت لــ20 عام تقريبا وخسائر فادحة فى البشر وتدمير كبير لأفغانستان، وفى النهاية عادت أفغانستان لأيدى طالبان، مع وجود قوات أكثر تشددا ببعض أنحاء البلاد.
صدي البلد عقارات يعرض لكم بعض محطات في حياة كولن باول :
نشأته: ولد باول في مدينة نيويورك في عام 1937 وتربى في حي هارلم، حيث هاجر والداه لوثر ومود باول إليها من جامايكا.
وتلقى السياسي المخضرم تعليمه في المدارس العامة، وتخرج من كلية مدينة نيويورك، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا.
وشارك بعدها في احتياط قوات التدريب في الكلية، وتم تعيينه في رتبة ملازم ثاني بعد تخرجه في يونيو 1958.
حرب فيتنام: التحق باول بالجيش الأمريكي فور تخرجه في عام 1958، ثم خدم في جولتين في جنوب فيتنام خلال الستينيات.
وأثناء حرب فيتنام، أصيب باول مرتين، بما في ذلك أثناء تحطم طائرة هليكوبتر حيث أنقذ جنديين أميركيين.
واستمر باول في خدمته بالجيش الأمريكي بعد عودته إلى الوطن، وحضر الكلية الحربية الوطنية وترقى في القيادة.
وتمت ترقيته إلى رتبة عميد في عام 1979، وعُيِّن كمستشار للرئيس رونالد ريغان للأمن القومي في عام 1987، وعينه بوش الأب عام 1989 لرئاسة هيئة الأركان المشتركة.
رئيس هيئة الأركان المشتركة:
تميزت فترة ولاية باول في إدارة بوش الأب بمشاركته في بعض أبرز الأعمال العسكرية الأميركية في أواخر القرن العشرين، بما في ذلك عملية بنما عام 1989، وبعدها حرب الخليج عام 1991، والتدخل الأميركي في الصومال.
حرب الخليج:
كان باول مترددا في البداية في إرسال قوات أميركية عند غزو العراق للكويت في عام 1990،وعلي الرغم من ذلك فقد أصبح أحد المتحدثين الرسميين الأكثر ثقة لدى الإدارة.
بعد الهجوم على الجيش العراقي، أصبح باول بطلا قوميا أميركيا، حيث تمتع بتقييم تفضيل بنسبة 71 % في السنوات القليلة الأولى بعد الحرب.
الحرب على الإرهاب:
كان مترددا في إظهار القوة العسكرية الأميركية في جميع أنحاء العالم، وهي وجهة نظر سرعان ما تغيرت بعد الهجمات الإرهابية على برج التجارة العالمى فى نيويورك في 11 سبتمبر 2001.
بصفته أكبر دبلوماسي في عهد بوش الإبن، تم تكليفه بحشد الدعم الدولي للحرب على الإرهاب، بما في ذلك حرب أفغانستان.
ولكن فترته عرفت بالشكل الأكبر خلال تصدره المشهد في دفع الإدارة الأمريكية للتدخل في العراق، بالرغم من مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من هذه الخطوة.
حرب العراق:
في فبراير 2003، ألقى باول خطابا أمام الأمم المتحدة، قدم فيه أدلة قالت الاستخبارات الامريكية إنها تثبت أن العراق قد ضلل المفتشين الدوليين، وأخفى أسلحة دمار شامل.
وحذر باول من أن “صدام حسين يمتلك أسلحة بيولوجية وقدرة على إنتاج المزيد منها بسرعة كبيرة”.
المفتشون الدوليون اكتشفوا فيما بعد عدم وجود مثل هذه الأسلحة في العراق، وبعد عامين من خطاب باول في الأمم المتحدة، قال تقرير حكومي إن أجهزة الاستخبارات كانت “مخطئة تماما” في تقييماتها لقدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل الغزو الأمريكي.
الاعتراف بـ”وصمة العار”:
ووصف باول، الذي غادر وزارة الخارجية في أوائل عام 2005 بعد تقديم استقالته لبوش، خطابه في الأمم المتحدة بأنه “وصمة عار” ستبقى إلى الأبد في سجله.
وقال في مقابلة مع لاري كينغ من شبكة “سي إن إن ” في عام 2010: “أنا آسف الآن لأن المعلومات كانت خاطئة – بالطبع أنا آسف”.
وأضاف باول: “لكن سيُنظر إلي دائما على أنني الشخص الذي قدم القضية أمام المجتمع الدولي”.
واعترف باول أن خطابه أثر بالرأي العام في قضية غزو العراق: “لقد أثرت في الرأي العام.. لا شك هناك في ذلك”.
كتاب الوداع:
بعد تقاعده من العمل العسكري، كتب باول سيرته الذاتية التي حققت مبيعات كبيرة.. “رحلتي الأمريكية”.
في كتابه عام 2012، اعترف باول مرة أخرى بالخطأ في الخطاب الشهير، وكتب أن هذه ستكون روايته الأخيرة حول الموضوع.
وكتب: “أنا غاضب من نفسي لأنني لم أشم رائحة المشكلة. خذلتني غرائزي”، في إشارة إلى التقرير الذي استخدمه والذي يحتوي على أدلة خاطئة عن أسلحة دمار شامل مفترضة عراقية.
وأضاف في كتابه الشهير: “لم يكن ذلك خطأي الأول، لكنه كان أحد أكثر إخفاقاتي الجسيمة، التي كان لها تأثير واسع النطاق”.