منذ أيام كان احتفل العالم باليوم العالمي للصحة النفسية، وعادة يتم الاحتفال في اليوم العاشر من أكتوبر كل عام بهدف توعية المجتمع بالأمراض النفسية التي قد تصيب الإنسان، وزيادة الوعي حول قضايا الصحة النفسية والعقلية في جميع أنحاء العالم، وحشد الجهود لدعم الصحة النفسية والعقلية.
وكان أول احتفال بهذا اليوم في عام 1992م، بناءً على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية ، ومن الجدير بالذكر انه كان يوجد اهتمام كبير بالمرضي النفسيين منذ الدولة الاموية الإسلامية ، حيث يعتبر الخليفة الأموي “الوليد بن عبدالملك” أول من أنشأ مستشفى لعلاج الصحة النفسية في العصور العربية الباكرة، وكان مقرها في دمشق حوالي 770 ميلادية، وكان يتم علاج المرضي بالموسيقي لانها لديها القدرة علي التأثير في النفس البشرية.
وموضوع احتفالية هذا العام هو “الصحة العقلية في عالم غير متكافئ” كان اختيار الموضوع ضروريا لانه يسلط الضوء علي ان الوصول لخدمات الصحة النفسية لايزال غير متكافئ.
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية لعام (٢٠٢١) أن الوصول إلى خدمات الصحة النفسية لا يزال غير متكافئ، حيث انه لا يزال ما بين (75٪ -95٪) من المصابين باضطرابات نفسية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل غير قادرين على الوصول إلى خدمات الصحة النفسية على الإطلاق.
ويأتي اليوم العالمي للصحة النفسية هذه السنة بعد العديد من التغيرات الجذرية التي حدثت في حياة الأفراد حول العالم بسبب جائحة كورونا، فبين عشية وضحاها ظهر فيروس خطير سريع الانتشار وليس له أي علاج او لقاح لكي يقلق الناس على صحتهم وصحة من حولهم، حيث شكل الوضع الجديد صدمة كبيرة على عقولهم في محاولة تقبل الواقع الجديد، وكانت منظمة الصحة العالمية قد نشرت أرقاما صادمة تفيد بأنه يوجد شخص واحد يموت كل 4 ثواني بسبب الانتحار، وبأنه يوجد ما يقارب البليون شخص ممن يعانون من اضطرابات نفسية حول العالم.
ولكن وفق ما نشرته المنظمة أيضا فإنه “استناداً الى الخبرة المكتسبة من الطوارئ التى واجهناها الفترة الماضية، يُتوقع أن تزداد الحاجة إلى الدعم في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي زيادة كبيرة في الأشهر والسنوات المقبلة.”
كما أشارت منظمة الصحة في مصر الى أنه يعاني حوالي 25% من المصريين ويعاني منهم حوالي 43,7% من “الاكتئاب”، والذى يعد أكثر الأمراض النفسية انتشارا حول العالم.
ويعد الاكتئاب من أكثر الأمراض انتشارا فى العصر الحديث ، حيث يقدر المصابون بالاكتئاب بحوالي 300 مليون إنسان، ويزيد التعب النفسي باستمرار وذلك بسبب زيادة الصدمات اللي يتعرض لها الفرد خلال حياته منذ طفولته وعلى مدار حياته دون علاجها بالطريقة السليمة، وعدم توافر الخدمات النفسية بصورة كبيرة لأفراد المجتمع، وكذا انتشار الخرافات حول المرض النفسي والذي يجعل الأشخاص لديهم قلق أكبر من الذهاب للطبيب أو المعالج النفسي، وأشهر الاضطرابات النفسية وأكثرها انتشارا هى: اضطراب الاكتئاب، اضطرابات القلق، اضطرابات المزاج، اضطرابات الذهان، اضطرابات الطعام، اضطرابات الشخصية.
من هنا يجدر علينا التنبه لأهمية العناية بالصحة النفسية للأفراد، وأهمية نشر ثقافة اللجوء إلى طبيب نفسي أو معالج مختص إذا تطلب الأمر ذلك، فالمعاناة من اضطرابات نفسية هو أمر موجود من قبل ظهور جائحة كورونا.
وفي هذا الصدد، تصدر هشتاج #اليوم_العالمي_للصحة_النفسية على تويتر حيث قام المغردون بنشر رسائل داعمة وناصحة لكل من يعاني من مشاكل واضطرابات نفسية.
ومن الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية تنظم فعالية عالمية من خلال صفحاتها على الإنترنت بشأن الدعوة والتوعية في مجال الصحة النفسية، وفي إطار هذه الفعالية التي تُسمى التظاهرة الكبرى من أجل الصحة النفسية، سوف ينضم قادة العالم وخبراء الصحة النفسية والضيوف المشاهير إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، “الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس”، لكي يخبروا العالم بما يمكننا جميعاً أن نفعله لتحسين صحتنا النفسية، وكيف يمكننا المساعدة على التأكد من أن الرعاية الجيدة للصحة النفسية متاحة لكل من يحتاج إليها.
كما أشرت المنظمة في تقرير يسلّط الضوء على نقص الاستثمارات في الصحة النفسية على الصعيد العالمي العالم يخفق في تحقيق معظم أهداف الصحة النفسية لعام 2020، وتمديداً لخطة عمل المنظمة الخاصة بالصحة النفسية حتى عام 2030 يتيح فرصة جديدة للتقدم وترسم الطبعة الجديدة من أطلس الصحة النفسية الصادر عن المنظمة صورة مخيبة للآمال تظهر إخفاق العالم في مدّ الأفراد بخدمات الصحة النفسية التي يحتاجونها، في وقت تبرز فيه جائحة كوفيد-19 حاجة متزايدة لدعم الصحة النفسية.