ناقشت القمة العلمية الرابعة للحدّ من أضرار التبغ التي انعقدت مؤخراً بتنظيم من جمعية SCHORE الدولية التي تعنى بمكافحة التدخين والحدّ من الضرر من التبغ، بمشاركة أكثر من 300 مشارك من 42 دولة، منهم 62 متحدثاً من 31 دولة من جميع أنحاء العالم، في إجدى جلساتها مسألة أهمية توافر البيانات العلمية الخاصة بالمنتجات البديلة والتحقق المستقل منها، لارتباطها بالقرارات السياسية.
وكانت الجلسة التي حملت عنوان: “إلى أي مدى تقود البيانات العلمية القرارات السياسية؟”، والتي ترأسها رئيس قسم القلب في مستشفى Euroclinic في أثينا، الدكتور ديميتري ريختر، بمشاركة عضو البرلمان الأوروبي، ورئيس لجنة الاتحاد الأوروبي STOA، إيفا كايلي، قد سلطت الضوء على الخيارات العديدة المتاحة أمام صانعي السياسة ليتمكنوا من اتخاذ القرار بالتشجيع على تبني الاستراتيجية المبتكرة في مكافحة التدخين بناءً على البيانات العلمية، وليس فقط على المعلومات المتداولة أو المصادر غير المؤكدة.
وأشارت كايلي خلال الجلسة إلى أن مناقشة موضوع تبني منتجات التبغ الأقل ضرراً والتحول إليها، تعد مناقشة صعبة للسياسيين، إذْ أنّ الهدف الذي يسعى له جميع الأطراف، هو أن تكون جميع المجتمعات خالية من التبغ/التدخين، مؤكدة على أن جميع المجتمعات بحاجة إلى بيانات علمية من خلال خوض مناقشات متفتحة مع العلماء، وإدراك أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن هناك %25 من مستهلكي التبغ من سكان الاتحاد الأوروبي، وهو ما يفرض ضرورة التكاتف لاستكشاف وإيجاد حلول مختلفة ومتعددة.
ومن جهته، أكّد الأستاذ المساعد في جامعة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية، وباحث أول في جامعة باتراس في اليونان، وكلية الصحة العامة في جامعة غرب أتيكا، ومختبر اليونان للبيانات والوسائط في جامعة بيلوبونيز، البروفيسور كونستانتينوس فارسالينوس، في حلقة النقاش مع الأستاذين جيوفاني لي فولتي وماسيمو كاروسو، بعنوان: “التحقق المستقل في بيانات الصناعة للمنتجات والتدخلات الجديدة”، على أهمية التحقق المستقل من البيانات كأداة حيوية لفهم المنتجات الجديدة، وأنّ تكرار إجراء الدراسة هو مفتاح للشفافية، وتقييد للتحيّز، وتجنب للأخطاء المستقبلية للمنتجات الجديدة وتعزيز جودة البحث.
هذا وقاد الدكتور كلايف بيتس من شركة Counterfactual Consulting والمدير السابق للعمل بشأن التدخين والصحة (المملكة المتحدة)، حلقة نقاش بعنوان: “تحول صناعة التبغ: الاستراتيجية والمنافسة والأخلاق”، مع ممثلين من وحدات البحث والتطوير في صناعة التبغ، اتفق خلالها أعضاء فريق المناقشة على أن احتياجات المستهلك هي المحرك، وأن العلم هو البوصلة.
وقالت نائب رئيس المشاركة العلمية العالمية في شركة فيليب موريس إنترناشيونال والباحثة الدكتورة جيزيل بيكر: “الأمراض المرتبطة بالتدخين هي المكان الذي بدأت منه رحلة تحول صناعة التبغ؛ حيث أنّ الأضرار ناجمة عن التدخين والسجائر القابلة للاحتراق. أما المنتجات الجديدة فلديها القدرة على أن يكون لها تأثير كبير على الصحة العامة، وتحويل المدخنين إلى بدائل أقل ضرراً، مع تقليل عبء الأمراض المرتبطة بالتدخين.”.
وأشار كبير المسؤولين التنظيميين في مختبرات جول، جو موريللو، إلى أن أهم جانب من جوانب التحول هو المستهلك، موضحاً أن المستهلكين والمدخنين يطالبون بمنتجات مختلفة، كما أنهم يحفزون المصنعين على الابتكار والمنافسة والتحول في صناعة التبغ. وخلُصَت الجلسة إلى أنً الاستنتاج المشترك هو أن الصناعة والهيئات التنظيمية والصحة العامة يجب أن تتكامل جهودها للحصول على أفضل النتائج الممكنة.
كذلك، تم خلال القمة مناقشة موضوع “الأبعاد الاقتصادية للتحكم في التدخين وتقليل الضرر”؛ حيث شدّد رئيس الجلسة، البروفيسور أندريه فال، الذي يشغل رئاسة الجمعية البولندية للصحة العامة، ورئاسة قسم الحساسية وأمراض الرئة والطب الباطني بالمستشفى المركزي بوزارة الداخلية، فضلاً عن كونه مدير معهد العلوم الطبية UKSW، على أن أحدث أداة لتحسين فعالية الإقلاع عن التدخين، والحد من الخسائر الصحية والعبء المالي تكمن في الحد من أضرار التبغ.
ومن جهة أخرى، تمت مناقشة الأدوات المالية المتاحة، والأسعار، والضرائب التفاضلية على أساس الضرر المحتمل، على نطاق واسع، مع الإشارة إلى أنّ العبء المالي للتدخين ضخم.
وفي هذا السياق، قال وزير الصحة السابق ووزير الداخلية في جمهورية سلوفاكيا، توماس دراكر: “إذا تمكّنا من الحدّ من التدخين بنسبة 1% في أوروبا، فسنتمكّن من توفير 40 مليار يورو يمكن استثمارها في مجالات أخرى.”
هذا وأكّد دراكر على أن الوصول للحد من التدخين، يتمحور حول استخدام جميع الأدوات المتاحة لتقليل التدخين، الأمر الذي له أن يكون من خلال فرض ضرائب تفاضلية على المنتجات البديلة المبتكرة التي يحتمل أن تكون أقل ضرراً، والذي اقترحه المجتمعون والمتحاورون في القمة.
هذا الاقتراح كان له نصيب من اهتمام المشاركين والمحاضرين على نحو واسع؛ حيث تمت مناقشته أيضاً ضمن محاضرة للخبير الاقتصادي الصحي، والأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في جامعة ولاية جورجيا، البروفيسور م. بيسكو. وكانت المحاضرة قد خلصت إلى وجوب فرض ضرائب على المنتجات وفقاً لعواملها الخارجية والداخلية، ووفقاً للتكلفة والفائدة التي تتحملها، وذلك من منظور اقتصادي، كما خلصت إلى أن السياسات البديلة الأخرى ضرورية أيضاً للمساعدة في إبقاء السجائر الإلكترونية بعيدة عن متناول الشباب، الأمر الذي يعدّ مصدر قلق كبير لجميع الجهات.
وفي ثلاث جلسات فريدة، مخصصة لآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية على التوالي، شارك خبراء من بلدان مختلفة سياسات وخبرات بلدانهم في تنفيذ سياسة الحدّ من أضرار التبغ، بالإضافة إلى قضايا الأخلاق وحقوق الناس ذات الصلة. ترأست لجنة الخبراء الخاصة بآسيا، نائب العميد (العلاقات وتكوين الثروة) في كلية الطب في المركز الطبي UKM والرئيس السابق للمركز الدولي لـ Casemix والترميز السريري (ITCC) في المركز الطبي UKM، شريفة عزت وان بوتيه، فيما ترأس لجنة أفريقيا كل من أخصائي أمراض الرئة/ أخصائي أمراض الحساسية، المتخصص في سلوكيات الإدمان، ورئيس المنظمة غير الحكومية “Societé Tunisienne de Tabacologie et des comportements d’addiction”، فارس ميلي، والمسؤول في قسم الطب النفسي في جامعة العلوم الصحية (SMU)، سولومون راتيماني. أما لجنة أميركا اللاتينية فعقدت بقيادة الأخصائية النفسية الإكلينيكية، مونيكا جورجولو وإلى جانبها الأعضاء الأربعة المؤسسين لـ SCOHRE.
وسلط رئيس الرابطة الأسترالية للحد من أضرار التبغ، الدكتور جو كوستريتش، في محاضرته الرئيسة، تفوق سياسات مكافحة التبغ في نيوزيلندا، والتي تضمنت تقليل انتشار التدخين مقارنة باستراتيجية أستراليا، مؤكداً أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحقيق الاتساق في الاستراتيجيات العالمية.